فصل: (سورة المعارج: الآيات 36- 44)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة المعارج: الآيات 24- 35]

{والّذِين فِي أمْوالِهِمْ حقٌّ معْلُومٌ (24) لِلسّائِلِ والْمحْرُومِ (25) والّذِين يُصدِّقُون بِيوْمِ الدِّينِ (26) والّذِين هُمْ مِنْ عذابِ ربِّهِمْ مُشْفِقُون (27) إِنّ عذاب ربِّهِمْ غيْرُ مأْمُونٍ (28) والّذِين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون (29) إِلاّ على أزْواجِهِمْ أوْ ما ملكتْ أيْمانُهُمْ فإِنّهُمْ غيْرُ ملُومِين (30) فمنِ ابْتغى وراء ذلِك فأُولئِك هُمُ العادُون (31) والّذِين هُمْ لِأماناتِهِمْ وعهْدِهِمْ راعُون (32) والّذِين هُمْ بِشهاداتِهِمْ قائِمُون (33) والّذِين هُمْ على صلاتِهِمْ يُحافِظُون (34) أُولئِك فِي جنّاتٍ مُكْرمُون (35)}

.الإعراب:

{والّذِين فِي أمْوالِهِمْ حقٌّ معْلُومٌ} {والذين} عطف على {الذين} الأولى و{في أموالهم} خبر مقدّم و{حق} مبتدأ مؤخر و{معلوم} نعت والمراد به الزكاة المفروضة والجملة الاسمية صلة الموصول.
{لِلسّائِلِ والْمحْرُومِ} نعت لـ: {حق}.
{والّذِين يُصدِّقُون بِيوْمِ الدِّينِ} عطف أيضا وجملة {يصدقون} صلة الموصول و{بيوم الدين} متعلقان بـ: {يصدقون} أي يوم الجزاء.
{والّذِين هُمْ مِنْ عذابِ ربِّهِمْ مُشْفِقُون} عطف أيضا و{هم} مبتدأ و{مشفقون} خبره و{من عذاب ربهم} متعلقان بقوله: {مشفقون} والجملة صلة.
{إِنّ عذاب ربِّهِمْ غيْرُ مأْمُونٍ} الجملة تعليل للإشفاق وإن واسمها و{غير مأمون} خبرها.
{والّذِين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُون} عطف أيضا و{هم} مبتدأ و{حافظون} خبره و{لفروجهم} متعلقان بـ: {حافظون} أي عن المحرمات والمحظورات.
{إِلّا على أزْواجِهِمْ أوْ ما ملكتْ أيْمانُهُمْ فإِنّهُمْ غيْرُ ملُومِين} {إلا} أداة استثناء و{على أزواجهم} استثناء من أعمّ الأحوال و{أو} حرف عطف و{ما} عطف على {أزواجهم} وجملة {ملكت} صلة و{أيمانهم} فاعل والمراد بما ملكت أيمانهم الإماء، {فإنهم} الفاء عاطفة وإن واسمها و{غير ملومين} خبرها.
{فمنِ ابْتغى وراء ذلِك فأُولئِك هُمُ العادُون} الفاء عاطفة و{من} اسم شرط جازم مبتدأ و{ابتغى} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وفاعله ضمير مستتر يعود على {من} و{وراء} مفعول به لـ: {ابتغى} فقد خرجت {وراء} عن الظرفية أي طلب وراء ذلك أي الاستمتاع بالنكاح وملك اليمين ولك أن تبقيها على الظرفية وتعلقها بمحذوف صفة للمفعول به المحذوف أي فمن طلب أمرا كائنا وراء ذلك والفاء رابطة لجواب الشرط وأولئك اسم إشارة في محل رفع مبتدأ و{هم} ضمير فصل و{العادون} خبر أولئك والجملة في محل جزم جواب الشرط، ولك أن تجعل {هم} مبتدأ ثانيا و{العادون} خبره والجملة خبر {أولئك}.
{والّذِين هُمْ لِأماناتِهِمْ وعهْدِهِمْ راعُون} عطف على ما تقدم و{هم} مبتدأ و{راعون} خبره و{لأماناتهم} متعلقان بـ: {راعون} والجملة الاسمية صلة الموصول.
{والّذِين هُمْ بِشهاداتِهِمْ قائِمُون} عطف أيضا وفي قراءة بالإفراد.
{والّذِين هُمْ على صلاتِهِمْ يُحافِظُون} عطف أيضا.
{أُولئِك فِي جنّاتٍ مُكْرمُون} {أولئك} مبتدأ و{في جنات} خبر و{مكرمون} خبر ثان ولك أن تعلّق {في جنات} بـ: {مكرمون}.

.البلاغة:

في تكرير الصلاة مبالغة لا تخفى اهتماما بشأنها وتنويها بفضلها، ويضاف إلى التكرير تصدير الجملة بالضمير وبناء الجملة عليه وتقديم الجار والمجرور على الفعل وفعلية الخبر فتفيد الجملة الاسمية الدوام والاستمرار وتفيد الجملة الفعلية التجدّد مع الاستمرار، وهذا نمط عجيب انفرد به كتاب اللّه.

.[سورة المعارج: الآيات 36- 44]

{فمالِ الّذِين كفرُوا قِبلك مُهْطِعِين (36) عنِ الْيمِينِ وعنِ الشِّمالِ عِزِين (37) أيطْمعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أنْ يُدْخل جنّة نعِيمٍ (38) كلاّ إِنّا خلقْناهُمْ مِمّا يعْلمُون (39) فلا أُقْسِمُ بِربِّ الْمشارِقِ والْمغارِبِ إِنّا لقادِرُون (40) على أنْ نُبدِّل خيْرا مِنْهُمْ وما نحْنُ بِمسْبُوقِين (41) فذرْهُمْ يخُوضُوا ويلْعبُوا حتّى يُلاقُوا يوْمهُمُ الّذِي يُوعدُون (42) يوْم يخْرُجُون مِن الْأجْداثِ سِراعا كأنّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُون (43) خاشِعة أبْصارُهُمْ ترْهقُهُمْ ذِلّةٌ ذلِك الْيوْمُ الّذِي كانُوا يُوعدُون (44)}

.اللغة:

{مُهْطِعِين} مسرعين نحوك مادّي أعناقهم مقبلين بأبصارهم عليك فهي من الكلمات التي يحتاج تفسيرها إلى جمل، وفي القاموس:
هطع كمنع هطعا وهطوعا أسرع مقبلا خائفا وأقبل ببصره على الشيء لا يقلع عنه وهطع مدّ عنقه وصوّب رأسه كاستهطع، وكأمير: الطريق الواسع، وكمحسن: من ينظر في ذل وخضوع لا يقلع بصره أو الساكت المنطلق إلى من هتف به، وبعير مهطع في عنقه تصويب خلقة. وقد تقدم شرح هذه المادة في سورة إبراهيم.
{عِزِين} جمع عزة، قال أبو عبيدة: جماعات في تفرقة وقيل الجمع اليسير كثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة وقال الأصمعي: في الدار عزون أي أصناف من الناس وقال الكميت:
ونحن وجندل باغ تركنا ** كتائب جندل شتّى عزينا

وعزة مما حذفت لامه فقيل هي واو وأصله عزوة كأن كل فرقة تعتزي إلى غير من تعتزي إليه الأخرى فهم متفرقون ويقال عزاه يعزوه إذا أضافه إلى غيره وقيل لامها هاء والأصل عزهة وجمعت عزة بالواو والنون كما جمعت سنّة وأخواتها بذلك وقيل هي ياء إذ يقال عزيته بالياء أعزيه بمعنى عزوته وقد تقدم بحث ما ألحق بجمع المذكر السالم.
{نُصُبٍ} تقدم القول فيه مفصلا ونضيف إليه هنا أنه قرئ {نصب} بالفتح والإسكان وقراءتنا بضمتين وقرئ بفتحتين وقرئ بضم فسكون.
فالأول اسم مفرد بمعنى العلم المنصوب الذي يسرع الشخص نحوه وقال أبو عمرو: هو شبكة الصائد يسرع إليها عند وقوع الصيد فيها مخافة انفلاته.
وأما الثانية فتحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها أنه اسم مفرد بمعنى الصنم المنصوب للعبادة.
والثاني أنه جمع نصاب ككتب جمع كتاب.
والثالث أنه جمع نصب كرهن في رهن وسقف في سقف وجمع الجمع أنصاب.
وأما الثالثة ففعل بمعنى مفعول أي منصوب كالقبض بمعنى المقبوض والرابعة تخفيف من الثانية.
{يُوفِضُون} يسرعون إلى الداعي مستبقين.

.الإعراب:

{فمالِ الّذِين كفرُوا قِبلك مُهْطِعِين} الفاء استئنافية وما اسم استفهام في محل رفع مبتدأ و{للذين} خبر ما أي فأي شيء ثبت لهم وحملهم على النظر إليك والتفرّق، كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي عند الكعبة ويقرأ القرآن فكانوا يحتفون به حلقا حلقا يسمعون ويستهزئون بكلامه ويقولون إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنّها قبلهم فنزلت. و{قبلك} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال أو بـ: {مهطعين} أي كائنين في الجهة التي تليك {عن اليمين وعن الشمال} و{مهطعين} حال من {الذين}.
{عنِ الْيمِينِ وعنِ الشِّمالِ عِزِين} الجار والمجرور حال من الموصول أيضا وقيل متعلق بـ: {مهطعين} و{عزين} حال من الموصول أيضا فالأربعة أحوال من الموصول وقيل حال من الضمير في {مهطعين} فتكون حالا متداخلة، وعلّق أبو البقاء {عن اليمين وعن الشمال} بـ: {عزين} وأعرب بعضهم {عزين} صفة لـ: {مهطعين}.
{أيطْمعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أنْ يُدْخل جنّة نعِيمٍ} الهمزة للاستفهام الإنكاري ويطمع فعل مضارع و{كل امرئ} فاعله و{منهم} صفة لـ: {امرئ} وأن وما في حيّزها في محل نصب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بيطمع أي أيطمع في الدخول ونائب فاعل {يدخل} مستتر تقديره هو و{جنة نعيم} مفعول به ثان على السعة.
{كلّا إِنّا خلقْناهُمْ مِمّا يعْلمُون} {كلا} حرف ردع وزجر عن طمعهم الأشعبي بدخول الجنة وجملة {إنّا خلقناهم} تعليل للردع وإن واسمها وجملة {خلقناهم} خبرها و{مما} متعلقان بـ: {خلقناهم} وجملة {يعلمون} صلة والمعنى أنهم مخلوقون من نطفة قذرة لا تناسب عالم القدس فمن لم يتحلّ بالإيمان ويرحض عنه الأقذار بالعمل الصالح وأضاف الكمالات لم يكن أهلا لدخول الجنان أو هو استدلال بالنشأة الأولى على النشأة الثانية وإن من قدر على الخلق الأول لم تعجزه الإعادة.
{فلا أُقْسِمُ بِربِّ الْمشارِقِ والْمغارِبِ إِنّا لقادِرُون} الفاء استئنافية ولا زائدة و{أقسم} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا و{برب المشارق والمغارب} متعلقان بـ: {أقسم} وجملة {إنّا لقادرون} لا محل لها لأنها جواب القسم وإن واسمها واللام المزحلقة و{قادرون} خبرها.
{على أنْ نُبدِّل خيْرا مِنْهُمْ وما نحْنُ بِمسْبُوقِين} أن وما في حيّزها في محل جر بـ: {على} والجار والمجرور متعلقان بـ: {قادرون} و{خيرا} مفعول {نبدل} و{منهم} متعلقان بـ: {خيرا} والواو حرف عطف و{ما} حجازية و{نحن} اسمها والباء حرف جر زائد و{مسبوقين} مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبرها والجملة معطوفة على جواب القسم داخلة في ضمن المقسم عليه.
{فذرْهُمْ يخُوضُوا ويلْعبُوا حتّى يُلاقُوا يوْمهُمُ الّذِي يُوعدُون} الفاء الفصيحة أي إذا تبين أنه لا يفوتنا ولا يعجزنا إنزال ما نريده بهم فذرهم، وذرهم فعل أمر مات ماضيه وفاعل مستتر ومفعول به و{يخوضوا} فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب {ويلعبوا} عطف على {يخوضوا} و{حتى} حرف غاية وجر و{يلاقوا} فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى والواو فاعل و{يومهم} مفعول به و{الذي} نعت ليومهم وجملة {يوعدون} صلة الموصول وهو فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل.
{يوْم يخْرُجُون مِن الْأجْداثِ سِراعا كأنّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُون} {يوم} بدل من {يومهم} وجملة {يخرجون} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{من الأجداث} متعلقان بـ: {يخرجون} و{سراعا} حال من الواو وجملة {كأنهم} حال ثانية من الواو أيضا فتكون مترادفة أو من الضمير في {سراعا} فتكون متداخلة وكأن واسمها و{إلى نصب} متعلقان بـ: {يوفضون} وجملة {يوفضون} خبر {كأنهم}.
{خاشِعة أبْصارُهُمْ ترْهقُهُمْ ذِلّةٌ ذلِك الْيوْمُ الّذِي كانُوا يُوعدُون} {خاشعة} حال من فاعل {يوفضون} أو من فاعل {يخرجون} والأول أقرب و{أبصارهم} فاعل بـ: {خاشعة} وجملة {ترهقهم ذلة} حال ثانية ولك أن تجعلها مستأنفة و{ذلك} مبتدأ و{اليوم} خبره و{الذي} صفة وكان واسمها وجملة {يوعدون} خبرها والجملة صلة وجملة {ذلك اليوم} مستأنفة أو مفسرة وعلى كل حال لا محل لها. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة المعارج:
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
قوله تعالى: {سأل} يقرأ بالهمزة وبالألف وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها هي بدل من الهمزة على التخفيف.
والثانى هي بدل من الواو على لغة من قال: هما يتساولان.
والثالث هي من الياء من السيل، والسائل يبنى على الأوجه الثلاثة، والباء بمعنى عن وقيل هي على بابها: أي سال بالعذاب كما يسيل الوادي بالماء واللام تتعلق بواقع، وقيل هي صفة أخرى للعذاب، وقيل يسأل؟؟، وقيل التقدير، هو للكافرين، و{من} تتعلق بدافع: أي لا يدفع من جهة الله، وقيل تتعلق بواقع، ولم يمنع النفى ذلك لأنه ليس فعل، و{ذى} صفة لله تعالى، و{تعرج} مستأنف، و{يوم تكون} بدل من قريب {ولا يسأل} بفتح الياء: أي حميما عن حاله، ويقرأ بضمها والتقدير: عن حميم، و{يبصرونهم} مستأنف، وقيل حال وجمع الضمير على معنى الحميم، و{يود} مستأنف أو حال من ضمير المفعول أو المرفوع، و{لو} بمعنى أن.
قوله تعالى: {نزاعة} أي هي نزاعة، وقيل هي بدل من {لظى}، وقيل كلاهما خبر، وقيل خبر إن، وقيل {لظى} بدل من اسم إن، و{نزاعة} خبرها، وأما النصب فقيل هو حال من الضمير في {تدعو} مقدمة، وقيل هي حال مما دلت عليه {لظى} أي تتلظى نزاعة، وقيل هو حال من الضمير في {لظى} على أن تجعلها صفة غالبة مثل الحارث والعباس، وقيل التقدير: أعنى.
و{تدعو} يجوز أن يكون حالا من الضمير في {نزاعة} إذا لم تعمله فيها، و{هلوعا} حال مقدرة، و{جزوعا} حال أخرى والعامل فيها {هلوعا}، وإذا ظرف لـ: {جزوعا}، وكذلك {منوعا}.
قوله تعالى: {إلا المصلين} هو استثناء من الجنس، والمستثنى منه الإنسان وهو جنس، فلذلك ساغ الاستثناء منه.
قوله تعالى: {في جنات} هو ظرف لـ {مكرمون} ويجوز أن يكونا خبرين، و{مهطعين} حال من {الذين كفروا}، وكذلك {عزين} و{قبلك} معمول {مهطعين} و{عزين} جمع عزة، والمحذوف منه الواو، وقيل الياء، وهو من عزوته إلى أبيه وعزيته لأن العزة الجماعة، وبعضهم منضم إلى بعض، كما أن المنسوب مضموم إلى المنسوب إليه.
و{عن} يتعلق بـ: {عزين}: أي متفرقين عنهما، ويجوز أن يكون حالا.
قوله تعالى: {يوم يخرجون} هو بدل من {يومهم}، أو على إضمار أعنى، و{سراعا} و{كأنهم} حالان، والنصب قد ذكر في المائدة {خاشعة} حال من {يخرجون}، والله أعلم. اهـ.